• تقلص إنتاج النفط الصخري الأمريكي يعزز الآمال بانتعاش أسعار الخام

    15/01/2015

    ​شركات تنقيب بدأت التخلي عن مشاريع جديدة لتوسيع حقولها أو بناء منصات
     تقلص إنتاج النفط الصخري الأمريكي يعزز الآمال بانتعاش أسعار الخام
     
     

    عاملان داخل مصفاة نفطية في العراق.
     
    أسامة سليمان من فيينا
     

    استمرت موجة انخفاض أسعار النفط الخام وتراجعت على نحو متسارع رغم صدور تقارير أمريكية تتوقع تحسن الأسعار في ضوء تقلص إنتاج النفط الصخري، بينما ما زالت فنزويلا والجزائر تضغطان في اتجاه خفض إنتاج "أوبك" لتحسين الأسعار.
    وجددت تأكيدات الحكومة الأمريكية بأنها تتوقع أن ينمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة في عام 2016 بنسبة 2.2 في المائة فقط في أبطأ وتيرة من نوعها خلال سنوات، الآمال في حدوث انعطافة ارتدادية للأعلى في أسعار النفط مع تقلص إنتاج النفط الصخري في البلاد الذي يشهد ازدهارا منذ خمس سنوات.
    وقال لـ "الاقتصادية" أحمد الصادي المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في فيينا، "إن الغموض لا يزال يحيط بمستقبل أسعار النفط في العام الجديد وسط قلق في الأوساط الاقتصادية من استمرار موجة الانخفاضات الحادة الناتجة عن زيادة المعروض خاصة من النفط الصخري الأمريكي"، إلا أن الولايات المتحدة فاجأت المراقبين بتقرير يؤكد تحسن الأسعار، حيث توقع أن سعر برميل النفط خلال هذا العام سيكون على مستوى 58 دولاراً للبرميل وأن السعر سيرتفع في العام المقبل 2016 إلى 75 دولاراً للبرميل.
    وأكد الصادي أن التقارير الأمريكية التي تتحدث عن تنامى الإنتاج وإمكانية تحسن الأسعار تتناقض مع تقديرات لوكالة معلومات الطاقة تشير إلى أن شركات تنقيب أمريكية بدأت التخلي عن مشاريع جديدة لتوسيع حقولها أو بناء منصات.
    وأوضح الصادي أن الاستثمارات النفطية في الولايات المتحدة تواجه صعوبات كبيرة في ضوء الظروف الراهنة، مشيرا إلى تقارير تؤكد أن شركات النفط الأمريكية ستتخلّى عن بعض الإنتاج من النفط الصخري، نظراً لارتفاع تكلفة الإنتاج مقارنة بسعر السوق، ومن المعروف أن الجدوى الاقتصادية لبعض الشركات تقف عند 40 دولاراً للبرميل وأقل من ذلك تضطر الشركات لوقف الإنتاج لوقف الخسائر.
    وبحسب الصادي فإن هناك تطورا نوعيا في سوق النفط تتبلور معالمه تدريجيا حيث يلجأ عديد من الشركات إلى توجيه الإنتاج إلى التخزين ترقبا لارتفاع مستوى الطلب وتنامي الاستهلاك وثم تحسن الأسعار وتصريف المخزون وبيعه بأسعار جيدة ومناسبة للتشغيل الاقتصادي.
    وأشار الصادي إلى أن حالة الترقب والقلق في السوق ما زالت مستمرة بسبب تنامي المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي، وعزز ذلك البيانات الصادرة عن منظمة أوبك التي تتمسك برفض فكرة خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط وهو ما يؤكد أن موجة الانخفاضات السعرية ستستمر لبعض الوقت.
    يذكر أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد أكدت في أول توقعاتها للعام المقبل أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيرتفع نحو 200 ألف برميل يوميا إلى 9.5 مليون برميل يوميا في عام 2016. ويشكل ذلك أقل زيادة من نوعها منذ عام 2011.
    وأبقت الإدارة على تقديراتها لعام 2015 بزيادة قدرها 720 ألف برميل يوميا إلى نحو 9.3 مليون برميل يوميا. وارتفع الإنتاج إلى 9.13 مليون برميل يوميا في نهاية 2014.
    ورفعت الإدارة، وهي الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأمريكية تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2015 وتتوقع أن يصل هذا الطلب إلى 93.42 مليون برميل يوميا في 2016 بزيادة 1.01 مليون برميل يوميا عن توقعاتها لعام 2015.
    وتتوقع الإدارة أن تظل أسعار النفط ضعيفة هذا العام وأن يتم تداول خام القياس العالمي مزيج برنت عند 58 دولارا للبرميل في 2015 وعند 75 دولارا في 2016.
    وإضافة إلى تباطؤ نمو الإنتاج في الولايات المتحدة تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يظل إنتاج النفط الخام من دول منظمة أوبك مستقرا في 2015 ويهبط 0.3 مليون برميل يوميا في 2016.
    ويقول لـ "الاقتصادية" الدكتور كريستوف لايتل رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية، إن تسارع معدلات النمو في الدول المستهلكة للنفط أصبح أمرا مهما وعاجلا لأن الظروف الاقتصادية مواتية أكثر من أي وقت مضى، مشيرا إلى تقرير نشرته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ يؤكد أن انخفاض أسعار النفط العالمية سيزيد النمو الاقتصادي في الدول المستوردة للنفط في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2015 بنسبة تصل إلى 0.5 في المائة.
    وبالنسبة لوضع المنتجين أكد لايتل أهمية الاتصالات التي تقودها فنزويلا مع دول أوبك وكبار المنتجين من خارج "أوبك" خاصة روسيا، مشيرا إلى لقاء مرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو لبحث أزمة أسعار النفط.
    وذكر رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية أن كلاً من اقتصاد روسيا وفنزويلا يعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط الخام الذي سجل أدنى المستويات في ست سنوات سابقة وهو ما دفع إلى مزيد من الاتصالات والتعاون خاصة بين الدول المتضررة بشكل كبير للتوصل إلى آليات فعالة لإنقاذ اقتصاد البلدين.
    ودعا لايتل أيضا إلى تعاون وتنسيق أيضا بين المنتجين في منظمة أوبك حيث من المعروف أن فنزويلا والجزائر يتبنيان فكرة خفض إنتاج المنظمة، مشيرا إلى تفاهمات جديدة بدأت في الظهور بعد جولة الرئيس الفنزويلي في دول أوبك، حيث نجد أنه أعلن في الجزائر استبعاد عقد قمة لمنظمة أوبك في الأسابيع المقبلة لمحاولة وقف انهيار أسعار النفط، كما كشف عن عدم التوصل إلى إجماع بشأن المبادرة التي تطرحها بلاده إلى جانب الجزائر.
    من جهتها، أشارت ين بيتش المحللة الفيتنامية، إلى أن استمرار تراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية يزيد الضغوط والأعباء على كثير من الدول المنتجة ويجعلها تضغط بشدة في اتجاه خفض الإنتاج أملا في تحسن الأسعار، مضيفة أن "دول الخليج هي -دون شك- الأقل تضررا بسبب الاحتياطات والفوائض المالية ويمكنها تحمل سعر برميل النفط حتى 20 دولارا"، بحسب تصريحات رسمية لكبار المسؤولين، ولكن الأمر أكثر فداحة على اقتصاديات الجزائر وإيران وفنزويلا وروسيا حيث يمثل انهيار أسعار النفط إلى أقل من 50 دولارا للبرميل بمثابة كارثة اقتصادية وأعباء جسيمة على موازناتها.
    وأوضحت بيتش لـ "الاقتصادية" أن تدني أسعار النفط في الجزائر تسبب على سبيل المثال في تراجع احتياطي العملة الأجنبية بقيمة عشرة مليارات دولار خلال ستة أشهر بعد أن حقق ارتفاعا متواصلا منذ عشر سنوات، في الوقت الذي تحث فيه الجزائر منظمة أوبك باستمرار على خفض إنتاج النفط من أجل وقف تدهور الأسعار الخام والدفاع عن عائدات الدول الأعضاء.
    على صعيد الأسعار، تراجعت أمس أسعار النفط 1 في المائة بعد أن خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي لتتواصل موجة الخسائر التي نزلت بالخام في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في نحو ست سنوات.
    وتعرض النفط والسلع الأولية الأخرى لضغوط بعد أن خفض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي معززا بذلك المخاوف من أداء اقتصادي ضعيف في الوقت الذي تعاني أسواق الخام من تخمة معروض.
    وقال كاوشيك باسو كبير اقتصاديي البنك "إن الاقتصاد العالمي يعمل بمحرك واحد هو المحرك الأمريكي وهذا لا يسمح بتوقعات وردية للعالم.
    وتراجع سعر خام برنت تسليم شباط (فبراير) 55 سنتا إلى 46.04 دولار للبرميل في حين سجل خام غرب تكساس الوسيط 45.29 دولار بانخفاض 60 سنتا.
    وأشار مايكل مكارثي كبير المحللين لدى "سي.أم.سي ماركتس" في سيدني إلى أن هناك تدهورا واضحا في المعنويات إزاء السلع الصناعية وأعتقد أن هذا قد امتد إلى النفط.
    وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس "إن سعر السلة التي تضم 12 خاما للدول الأعضاء عاد إلى الانخفاضات الحادة التي تتجاوز دولارين يوميا لتفقد السلة منذ بداية العام الجديد 11 دولارا في أسبوعين حيث كانت قد سجلت في ختام تعاملات 2014 قيمة 52 دولارا للبرميل.
    وتراجع النفط الخام الأمريكي أمس قبيل تقرير وكالة الطاقة عن مخزونات وإنتاج النفط في الولايات المتحدة وانخفض خام برنت لليوم الرابع على التوالي بفعل توقعات بوفرة الإمدادات العالمية خلال النصف الأول من العام الجاري، وتداول الخام الأمريكي وخام برنت عند مستوى التعادل 45 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر.
    وصباح أمس تداول النفط الخام الأمريكي حول مستوى 45.30 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.09 دولار وسجل أعلى مستوى 46.36 دولار وأدنى مستوى 45.11 دولار.
    وتداول خام برنت حول 45.65 دولارا للبرميل من مستوي الافتتاح 46.75 دولارا وسجل أعلى مستوى 46.92 دولار وأدنى مستوى 45.58 دولار.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية